فصل في بيان نبذة من صفاته الكريمة وشمائله الشريفة،
وأخلاقه الطاهرة صلى الله عليه وسلم
روى البخارى ومسلم وغيرهما([72]) عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس وجهًا، وأحسنَه خلقًا، ليس بالطويل الذاهب، ولا بالقصير".
وروى البيهقي والطبراني([73]) عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: قلت للرُّبيّع بنت مُعَوِّذ: صفي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: "لو رأيته لقلت: الشمس طالعة".
وروى الترمذي وأحمد([74]) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما رأيت شيئًا أحسنَ من النبي صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحدًا أسرَع في مشيه منه كأن الأرض تُطوى له، إنا لنجهد وإنه غير مكترث".
وروى البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم([75]) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب منكبيه"، وفي لفظ ءاخر عنه عند البخاري ومسلم([76]): "كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه".
وروى مسلم([77]) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "ما شممت شيئًا قط مسكًا ولا عنبرًا أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مسست شيئًا قط حريرًا ولا ديباجًا ألين مسًّا من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وقال البراء بن عازب رضي الله عنه:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعًا، بعيد مابين المنكبين، أعظمَ الناس، وأحسن الناس، جُمَّتُهُ إلى أذنيه، عليه حُلةٌ حمراء، ما رأيت شيئًا قط أحسن منه" أخرجه الشيخان([78]).
وروى مسلم([79]) في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن([80])، ولا بالقصير، وليس بالأبيض الأمْهَقِ([81]) ولا بالآدَم([82])ِ، ولا بالجَعْد القَطِطِ([83]) ولا بالسَّبِطِ([84])، بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشرَ سنين، وتوفاه الله على رأس الستين سنةً، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرةً بيضاء".
وروى البيهقي([85]) أن ابن عمر رضي الله عنهما كثيرًا ما ينشد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم نعتَ عمه أبي طالب إياه في لونه حيث يقول:
وأبيضَ يُستسقى الغمامُ بوجهه
ثِمَالُ([86]) اليَتَامَى عِصْمَةٌ للأرامِل
ويقول كل من سمعه: هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم
وأخرج البزار([87]) بإسناد حسن عن عائشة رضي الله عنها قالت: تمثلت في أبي:
وأبيضَ يُستسقى الغمامُ بوجهه
رَبيعُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ للأرامِل
فقال أبي: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما أخلاقه صلى الله عليه وسلم فقد دلت عليها الآية الكريمة }وإنك لعلى خلق عظيم{ [سورة القلم]، وعن عائشة رضي الله عنها قالت عندما سُئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإن خُلُقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرءان" رواه مسلم في الصحيح([88]).
وعن عبد الله بن الزبير في قوله عز وجل }خُذ العفو{ [سورة الأعراف] قال: أمرَ الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس. أخرجه البخاري في الصحيح([89]) وغيرُه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما خُيّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تُنْتَهَكَ حُرمة الله تعالى"، وزاد القطان في روايته: "فينتقم لله بها" أخرجه الشيخان والبيهقي وغيرهم([90]).