بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
السودان بلد التصوف بامتياز، إذ يتسم الإسلام في السودان بصبغة صوفية خاصة، بل أن الحياة اليومية فيه تصبغ بهذا الطابع في الإيمان الفطري بالمشايخ والأولياء الصالحين.
إما الأذكار والمدائح فتسمعها أنى سرت في الشوارع، في المطاعم المحلات التجارية المختلفة وفي باصات النقل وسيارات الأجرة وفضلا عن الإذاعة الخاصة بالمدائح النبوية تمتلئ الإذاعة والتلفزيون السودانيين بها.
انتشرت الطرق الصوفية في كل أرجاء السودان حتى وصل عددها حسب بعض الباحثين إلى حوالي أربعين طريقة أساسية وفرعية ، لعل أشهرها القادرية بفروعها المتعددة والختمية والسمانية والشاذليه والمكاشفية والمجذوبيه والادريسية الاحمدية والرشيديه والتيجانية والإسماعيلية وعدد من الطرق الثانوية.
ويرى الدكتور حيدر إبراهيم رئيس مركز الدراسات السودانية ، إن الطرق الصوفية في السودان في الفترة الأخيرة أصبحت انشطارية وقد تحولت إلى فرق إقليمية وقبلية بعد أن كانت قومية حيث يخترق رجال الصوفية التنظيم القبلي ويفرزوا تنظيما اجتماعيا أوسع.
دخول الصوفية الى السودان
وتعد الشاذلية من أولى الطرق التي انتشرت في السودان قبل سقوط مملكة علوة عن طريق صهر الجز ولي المسمى شريف حمد أبو دنانه والذي استقر في بربر في عام 849 (1445م ).
ويشير محمد الريح شيخ الطريقة القادرية العركية في الخرطوم إلى ان القادرية جاءت بعدها على يد الشيخ تاج الدين البهاري الذي نقل الطريقة من مركزها في بغداد وعاش في (وادي شعير) في الجزيرة لمدة سبعة اعوام.
تعد القادرية بتفرعاتها من أكثر الطرق انتشارا في السودان
اما الطريقة القادرية العركية فقد نشأت على يد الشيخ دفع الله بن الشريف مقبل وقد جاء من الحجاز وقد اخذ بيعة الطريقة هناك من الشيخ حبيب الله العجمي خليفة الشيخ عبد القادر الجيلاني آنذاك، ثم جاء الى السودان لنشر الدعوة واستقر في كردفان في منطقة تدعى (بئر سرار) ثم انتقل الى منطقة (ابو حراز)، حيث مركز الطريقة العام الان .
وتعد القادرية بتفرعاتها من أكثر الطرق انتشارا في السودان ،ويقدر الشيخ الريح أتباع القادرية العركية في السودان بأربعة ملايين شخص .
ويرى المستشرق ج سبنسر تريمنجهام ان مرحلة ثانية من المد الصوفي جاءت نتيجة لأحداث خارج السودان قد بدأت مع مستهل القرن التاسع عشر، كرد فعل للتوسع الأوربي السريع داخل الأراضي الإسلامية وظهور الوهابية ودعوتها للعودة للإسلام الأصلي ومهاجمتها لتأليه الأولياء والخرافات التي شابت الممارسة الإسلامية.
ويصف السيد احمد بن ادريس الفاسي (توفي عام 1836 ) الصوفي والمصلح الديني الذي تاثر بالوهابية بانه الشخص الأكثر تأثيرا في السودان رغم عدم دخوله اليه، اذ اسس الطريقة الادريسية التي انتشرت في السودان كما كان معلم الرجال الاخرين،
وهم من اسس وادخل الى السودان طرقا أخرى ، كمحمد المجذوب الصغير (1796-1832 ) حفيد مؤسس المجذوبية ، والذي اعاد احياء طريقته ونشرها في الشرق وسط البجا والشيح ابراهيم الرشيدي (توفي عام 1874 ) وهو شايقي اسس الطريقة الادريسية في السودان من بين أماكن أخرى ومحمد عثمان الميرغني (1793 -1853 )مؤسس الطريقة الميرغنية او الختمية إحدى أهم الطرق في شرق السودان وشماله وفي الخرطوم بحري.
كما ادخل احمد الطيب البشير الجموعي وهو قادري درس في المدينة على يد الشيخ محمد بن عبد الكريم السمان ، الطريقة السمانية الى السودان عام 1800والتي انتشرت في وسط السودان.
ودخلت التيجانية من مصر إلى بربر قبل المهدية بوقت قصير، على يد محمد بن المختار (المتوفى عام 1882 ) والمعروف بود العلية ونشرها آخرون من عرب أفريقيا أمثال عمر جانبو من الهاوسا في دارفور وكردفان ، وتعد هذه الطريقة من أنشط الطرق في غرب أفريقيا واحد العوامل الأساسية في نشر الإسلام فيها.
وهناك طرق أخرى اقل حجما كالبرهانية والتسعينية والدندراوية والعزمية والطرق المصرية كالابراهيمية الدسوقية والرفاعية والاحمدية البدوية والبيومية.
المسيد والخلوة
يعد المسيد حيث يقيم شيخ الطريقة والخلوة حيث يتم حفظ القران الكريم وتعلم أسرار الطريقة المراكز الأساسية في بناء الطريقة ، الذي يتم على وفق تراتبية هرمية يقف في أعلاها (شيخ السجادة)، الذي عادة ما يكون له خلفاء يجيزهم لتولي شؤون الطريقة ونشرها في مناطق أخرى ،ومقدمون يتولون إدارة شؤون المسيد وأداء بعض الفعاليات نيابة عن الخليفة.